أطل من نافذة الحنين على قريتي "المنسية"
بعد أن صمتت المدافع ، واختفى أزيز الطائرات ، وانقضت الخطابات الحماسية ، وعادت جميع الطيور إلى أعشاشها ، حتى الطيور عاودها الحنين فعادت فرحة .
وبقيت حيث أنا.
ليلة قضيتها أنتفض في خيمتي ، على صوت جاري يواسي رفيقة دربه الباكية على حياة الأمس ، وعلى عيشة اليوم، وعلى عيون تتلصص عليها كلما ذهبت إلى الحمام.
زلت بنا الأقدام ، فإذا بنا في متاهة اللاعودة ، وإذا نحن أغصان بلاجذور ، وتوق خالطه الندم ، وشوق مازجه الألم .
وبقيت حيث أنا.
ليلة قضيتها أنتفض في خيمتي أشعر بوخز تلك العيون التي كانت تتلصص على جارتي تدمي بدني وتقرص قلبي الذي ضاقت عليه الضلوع .
بودي أن أهمس لجاري ليسكت نوح الكروان
"فلن يأتي عمر ، وما عاد يطوف بين البيوت"
فارقنا التراب من تحتنا فانهال على رؤوسنا، وأصبحنا البائس والمسكين ، نعيش على الصدقة ، ونستجدي لكسرة خبز ، وأرضي هناك خضراء نضرة ، وعذوق الذرة تنحني مع كل طلعة شمس ، تبحث عن سيد الأرض ، في انتظار الحصاد .
أرضي هناك لا أدري لماذا فارقتها ؟
يا للسخرية فارقتها لأنجو بحياتي ، ففقدت طعم الحياة ، فارقتها لأجل الوطن ففارقني الوطن. آآآآآآآآآه يازمن
من كل شيء إلى اللاشيء واللاعودة واللاوطن.